الاثنين، 9 يناير 2023

لماذا تشقلب السوداني كالبهلوان على القانون لإعادة نبيل جاسم؟ - صائب خليل

قام مجلس أمناء شبكة الإعلام العراقي بإقالة رئيس الشبكة المتنفذ والمشبوه د. نبيل جاسم، فقفز السوداني بسرعة غريبة الى اعادته الى منصبه! وجاء الرفض بدعوى ان الإقالة تمت دون الإشارة الى سبب من الأسباب التي تتيح للمجلس اقالة الرئيس، حسب كتاب مكتب رئيس الوزراء، مشيرا الى فقرة برقم خطأ (14 بدلا من 15) من قانون الشبكة، معتبرا أن قرار المجلس بلا سند قانوني، وبالتالي يتوجب إعادة د. نبيل جاسم الى منصبه.


 ونلاحظ هنا بعض النقاط الغريبة: (اذا وجدتها طويلة اقفز الى النقطة 7 مباشرة)

1- السرعة الشديدة في رفض القرار، وبالتالي قبل ان يتاح لرئاسة الوزراء دراستها قانونيا. وتذكرنا هذه الحالة بالقوانين المشبوهة التي تمرر في العراق بسرعة غير طبيعية، مثل قانون شركة النفط الوطنية الذي قدمته شلة مصطفى سند في نهاية عهد العبادي، ووقعه رئيس الجمهورية في نفس يوم وصوله اليه، رغم انه قانون معقد جدا ويتطلب اسابيعا للبحث قبل القرار. ومن الواضح ان القرارات والقوانين التي تقبل او ترفض بسرعة مشبوهة، انما تقبل او ترفض بسبب تلفون من جهة اعلى، وليس لقناعة او دراسة للقرار.

 

2- النقطة الغريبة الثانية هي الحملة الإعلامية التي أثيرت فور صدور قرار الإعادة، بأنها تمت بتأثير ضغط من جهة محسوبة على المقاومة! وحسب علمنا فأن د. نبيل ابعد ما يكون ان يحسب على المقاومة، فهو بوق امريكي تم تسليمه المنصب مع بداية حكومة رجل السفارة الكاظمي.

 

3- سبق ان اتهم بإهدار المال في برامج إعلامية وتمت تبرئته منها، كما اتهم بالعمل على تكميم الافواه، وبرئ من التهمة أيضا.

4- المادة 15 أولا تعطي ضمن الأسباب للإقالة ان يصبح غير قادر على ممارسة المهنة لأي سبب، و ثالثا.. ارتكابه ما يخالف واجباته الوظيفية.. الخ. وهاتان المادتان مطاطتان جدا، فكيف تأكد مجلس الوزراء انه ليس من بين الـ 27 سبب التي قدمها المجلس، سبب واحد ينطبق على أي من الفقرتين، وبسرعة ودون تفاهم مع مجلس الأمناء؟ المجلس عاد وأكد ان الأسباب التي أوردها قانونية وكافية.

 

5- لو فرضنا ان هناك شكا في قانونية سبب الإقالة. اليس المفروض ان تقرر ذلك محكمة، وان يتم بأن يعترض المذكور على اقالته عندها ليتم التحقيق والاستماع إلى الطرفين؟ فلماذا وكيف تبرع رئيس الحكومة بوضع نفسه حكما متبرعا في الأمر وأيضا دون مناقشة المجلس وسماع رأيه؟

 

6- صدور تصريحات غريبة انتشرت في الاعلام بأن الاعتراض جاء وفق فضائية "العهد"، بسبب رغبة "الإطار الشيعي" (كما تسميه "العهد" بإصرار) بإقالة مجلس الشبكة كله وليس رئيس الشبكة وحده، وان اقالة المجلس لرئيس الشبكة كان تقديمه كبش فداء للنجاة من الإقالة، حسب احد النواب. وهو كلام لا يستحق المناقشة، أولا لأن "الإطار الشيعي" لا يملك سلطة لذلك، دع عنك ان يمارسها بالضغط على رئيس مجلس الوزراء، ولأن إقالة رئيس الشبكة لا تعرقل اقالة المجلس. مثل هذه الإشاعات وانتشارها مثير للشبهة أيضا ان هناك جهات قوية تحاول تعكير المياه.

 

7- الأغرب من هذا كله، ان شبكة الاعلام العراقي، مؤسسة مستقلة! وهذا واضح في المادة 2 من قانونها. أي ان ليس للسوداني ولا لحكومته أية سلطة عليها، فهي مرتبطة بمجلس النواب وليس بالحكومة! فلماذا يذهب السوداني الى حد القفز فوق صلاحياته ويحرج نفسه بهذا الشكل، ليعيد نبيل جاسم لمنصبه؟ وينطبق الأمر على من اشاع ان السبب هو رغبة الحكومة بإقالة مجلس الأمناء كله، فلا سلطة للحكومة على الشبكة ومجلس أمنائها!

 

8- ما يؤكد النقطة السابقة، ما تقوله المادة 1 ثالث عشر من قانون الشبكة: مجلس الامناء: هو المجلس المسؤول عن رسم السياسات العامة في الشبكة ومراقبة عملها والحفاط (الحفاظ) على استقلاليتها بما يضمن تحقيق الاهداف المحددة بهذا القانون ويعبر عن مصالح الشعب ويعمل حاجزا يفصل ما بين الشبكة ومصادر الضغط الخارجية! ومن الواضح ان المقصود الأول بـ “مصادر الضغط الخارجية" هو الحكومة بالدرجة الأولى، على اعتبار ان الإعلام يجب ان لا يخضع للحكومة واملاءاتها!

 

9- الكتاب الذي وجهه مجلس الأمناء الى رئاسة مجلس الوزراء هو "للاطلاع" وليس للموافقة، لأن المجلس لا يحتاج موافقة مجلس الوزراء على قراراته، ولا يوجد أي ذكر لمجلس الوزراء في قانون الشبكة ولا كذلك أي وزير. وهذا طبيعي لمؤسسة تتبع لمجلس النواب، ورغم ذلك قرر السوداني الغاء القرار واعتباره غير شرعي!

 

كل هذه المؤشرات والتصرفات غير الطبيعية للسوداني تشير الى انه تلقى تعليمات من جهة أعلى منه، وانها لم تمهله الوقت للمناقشة ولم يكن بإمكانه الاعتذار عن تنفيذها باعتبارها خارج صلاحياته! فمن يمكن ان تكون تلك الجهة؟ إنها متروكة للحدس!

 

هناك تعليق واحد: