1- إن عبارة "شريك" تفترض أن الدولة موجودة وبقوة في الاقتصاد، وأن الخاص يراد منه ان يكون "شريكا"، لكن المسار الذي تتبعه الدولة منذ ان سقطت حكوماتها تحت سلطة السفارة بعد 2003، وبشكل خاص بعد 2014، هو للقضاء على دور الدولة، واعتبار أي تدخل للدولة هو "خلل" في المسار، يعود للبعث، و "يجب تصحيحه"، كما تعظ السفارة وابواقها بلا توقف، والذي بلغ قمته في "الورقة البيضاء" التي سلمت لعميل السفارة الكاظمي وحكومته، والتي تعلن القضاء على القطاع الحكومي هدفا صريحا لها، ليبقى القطاع الخاص وحده. وتأتي هذه الحكومة كما يبدو استمرارا لهذا النهج الداعي الى عبادة القطاع الخاص كإله "لا شريك له".. فأين مكان "الشريك" الآخر ومتى يعطى اهتماما لدوره؟
2- الدعوة "إلى ان تكون مشاريع القطاع الخاص متسقة مع طبيعة
التحديات الاقتصادية والاحتياجات التي يواجهها المواطن"، عبارة مناقضة لمبدأ
حرية السوق ولطبيعة القطاع الخاص ولما يراد من "تصحيح" لمسارات الدولة الاقتصادية!
فالقطاع
الخاص، قطاع حر، يختار مشاريعه لتكون "متسقة" مع مبدأ الاقتصاد الحر في
تحقيق أعلى ربح ممكن، وليس اية مبادئ اخرى مثل "التحديات الاقتصادية
واحتياجات المواطن"! وهذا ما يفترض أن يعرفه رئيس الوزراء، وان لم يكن يعرفه
فلا شك ان جلاسه من القطاع الخاص قد ضحكوا في سرهم من قوله.
ما الذي
يعنيني انا كصاحب رأسمال خاص، من "حاجة المواطن"؟ إذا كان بناء مول رابع
في المنطقة يعطي ربحا اكبر فسأذهب اليه، حتى لو كانت "حاجة المواطن" هي
لمعمل طابوق ربحه اقل!
إن
"حاجة المواطن" من مهمات الحكومة التي انتخبها المواطن وليس من اهتمامات
"القطاع الخاص"، والقاء هذه المهمة على القطاع الخاص، هو جهل خطير إن
احسنا الظن، واحتيال على المواطن إن لم نحسنه!
3- ليس هناك اشكال في "إزالة العوائق" من امام القطاع
الخاص، لكن من الخطأ والجريمة ان يكون "تصحيح مسارات الدولة الاقتصادية"
بالتشاور مع القطاع الخاص! فمسارات الدولة الاقتصادية يجب أن توجه للشعب، وان يكون
هدفها "تصحيح" الخلل في الانحراف عن هذا التوجه، والذي يحدث بدفع من
السعي لتحقيق اعلى الأرباح للقطاع الخاص، وما تدفع رشاوي القطاع الخاص الدولة اليه
من تخريب لاقتصادها المنافس له، واهمال التحديات الاقتصادية للبلد مثل التعليم
والبنى التحتية، وتوجيه موارد الدولة نحو اعفاءات وخدمات للفساد والقطاع الخاص
بعيدا عن حاجات المواطن الاقتصادية. إن "مسارات الدولة الاقتصادية" يجب
ان تحدد بعيدا عن القطاع الخاص، وان تفرض عليه فرضا، ولا يقبل كشريك في التنمية
والارباح الا بعد ان يقبلها.
ابنوا
قطاعا حكوميا قويا لتأمين "التحديات الاقتصادية" التي تواجهونها و
"حاجات المواطن" ثم ابحثوا عن "شراكة" مع قطاع خاص يبحث عن
ارباحه، واشترطوا لدعمه شروطا تخدم المواطن. فمن انتخبكم هو المواطن وليس
"القطاع الخاص".. كما افترض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق