رد الكثير على ما ابديت من قلق حول مسيرة ايران بعد استشهاد السيد رئيسي في مقالتي السابقة، بالقول بأن شيئا لن يتغير لأن وجود السيد الخامنئي يضمن ذلك. وصحيح ان السيد الخامنئي ضمان عام للمسيرة، لكن التصور بأن "لا شيء يمكن ان يتغير مادام هو موجودا"، تصور خطأ لأسباب عديدة:
1- كان السيد الخامنئي هو نفسه حين انتقلت السلطة من أحمدي نجاد، ألذي ذهب لزيارة مقاوم لبنان وظهر معه على الجبهة، وخصص معظم جهده لدعم الطبقات الفقيرة، إلى روحاني، ممثل التجار في ايران الذي الغى الكثير من قوانين واجراءات نجاد، ودمر ما حققه في المجال النووي باتفاق مهزلة، والذي كانت اقصى اماني حكومته ان يعيد العلاقات مع اميركا!
لقد سمح السيد الخامنئي لكل منهما ان يقضي فترتي حكم كاملتين، بدون اية اعتراضات تذكر!
وبالتالي فأن للرئيس الإيراني صلاحيات واسعة لتسيير امور ايران ومجتمعها ومدى انغمارها في محور المقاومة او سعيها لتهدئة الغرب وطمأنته.
.
2- إنها اهانة للنظام الايراني ان نقول ان الرئيس المنتخب لا اهمية له وانه يسير بتوجيه كامل من المرشد الاعلى. لأن هذا يجعل من الديمقراطية الايرانية ومن الانتخابات الايرانية مجرد مسرحية لا معنى لها لانتخاب الدمية التي سيسيرها المرشد العام، وهذا ظلم، وليس صحيحا.
الامريكان يدركون أفضل منا، ان هذا ليس صحيحا، وان شخصية رئيس الجمهورية مهمة جدا في تحديد السياسية الايرانية. لذلك، نرى الإعلام الغربي وكيف القى بكل ثقله لدعم مير موسوي ضد نجاد، وجر الأول الى تصريحات خطيرة كانت لها نتائج سلبية وقاموا بقتل فتاة من التظاهرات لتخريب الانتخابات ودفعها باتجاه مير موسوي. لو لم يكن الرئيس مهما لما كلفوا انفسهم بذلك.
.
3- أن السيد رئيسي لم يكن رئيسا فقط، بل كان أيضا مرشحا ليكون خليفة للسيد الخامنئي! وبالتالي فأن اختفائه، سواء بحادث طبيعي او بمؤامرة، لن يكون لها اثر على الرئاسة فقط، بل على مسار ايران السياسي العام، ولفترة طويلة جدا من الزمن!
.
من كل هذا فعلينا ان نقلق بالفعل لما حدث، وان نراقب ما يحدث فليست كل الخيارات ايجابية بالنسبة لمحور المقاومة، وتبسيط الأمور إلى افتراض ان وجود السيد الخامنئي يكفي لينام المرء مطمئنا، هو تبسيط أماني واحلام وردية والتلذذ بما توفره من راحة، وليس تبسيطا واقعيا يستند الى مواجهة الأدلة والمنطق، خاصة بوجود دعم شعبي مقلق في ايران للابتعاد عن محور المقاومة وتكاليفه الباهظة ومصالحة الغرب، خاصة بين المثقفين ورجل الشارع (وليس الفقراء والمتدينين وسكنة القرى)، والذي يجعل المجتمع الايراني قابلا للاشتعال من اية شرارة تطلق عليه.
.
علينا ان نتذكر أن من يقف معنا كمحور مقاومة، هو جانب الثورة الإسلامية في ايران وليس ايران كلها. وعلينا ان نقلق لأي مؤشر عن تزعزع قناعة الشعب الإيراني بتلك الثورة او أي مؤشر لاحتمال نجاح تآمر غربي عليها، فهي عمود محور المقاومة واساسه، فإن تراجعت هذه الثورة أو قلت قوتها، فلا احد يستطيع التكهن بمصير المقاومة في المنطقة بعد ذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق