9 أيلول 2022
المقدمة
1- القانون صادر عن بول بريمر (القسم (6) ) بصفته
"المدير الإداري لسلطة الائتلاف المؤقتة" وبموجب القوانين والأعراف
المتبعة في حالة الحرب وتمشيا مع قرارات مجلس الامن الدولي ذات الصلة بما فيها
القرار 1483 (2003)."
واستمرار القانون وبهذه الصيغة، بحد ذاته اعلان لانتقاص سيادة العراق، خاصة وان
تلك السلطة "المؤقتة" قد انتهت، وحالة الحرب انتهت، كما ان قرار مجلس
الأمن 1483 الذي يشار اليه مرارا في هذا القانون، لا يلزم العراق اطلاقا بعدم
تغيير هذا القانون او أي قانون اخر بل يدعو قرار مجلس الأمن تكرارا الى تمكين
العراق من حكم نفسه بأسرع وقت ممكن، ومن خلال مؤسساته الوطنية.
والحقيقة ان وجود هذا القانون نفسه، مناقض للدستور، حيث
ان المادة (5) من الدستور تؤكد ان "الشعب مصدر السلطات وشرعيتها" وتؤكد
المادة (128) منه، أن القوانين تصدر "باسم الشعب".
وقانون البنك المركزي، لم يصدر عن مجلس النواب الممثلين
للشعب، ولا هو صادر من جهة عراقية سابقة تمثل الشعب العراقي حتى ولو شكلا، بل من
ادارة اجنبية هي إدارة بريمر!
ورغم ان المادة (١٣٠): تبقى التشريعات النافذة معمولا بها، ما لم تلغ أو تعدل وفقا
لأحكام هذا الدستور." إلا ان الأمر الإداري لسلطة الاحتلال، ليس
"تشريعا" شرعيا أو لم يعد كذلك بنهاية "الاحتلال" بشكله
الرسمي. كما ان المادة تؤكد ضمنا أن جميع "التشريعات" يمكن ان تلغى او
تعدل، وبالتالي فالدستور يسمح بتعديل أي تشريع سابق، ويعتبر غير دستوريا وجود
قانون لا يمكن تعديله وفق الدستور.
وأخيرا، المادة (13) من الدستور تؤكد ان الدستور هو "القانون الأسمى والأعلى
في العراق".. و"يعد باطلا ... أي نص قانوني آخر يتعارض معه"!
2- في "القسم (1) – الغرض" يؤكد القانون ان البنك قد أنشئ "لإيجاد
ورعاية نظام مالي يعتمد على السوق".. وهذه فقرة تحديدية تلزم العراق بشكل
قانون بالاقتصاد الحر، ويمنعه من اتخاذ قرارات قد تخرج عن مبادئ "السوق"
حتى لو كان واضحا، في حالات معينة ضرورة الخروج عن اقتصاد السوق لمصلحة البلد. ومن
الغريب ان يلزم العراق بتحديد خياراته ضمن هذا الخيار في القانون.
3- القسم (2) "قانون البنك المركزي" و القسم (3) "الشروط
العامة" يفترض ان تلغى لأنها تتحدث عن الظروف التي كانت في ذلك الحين والتي
تغيرت كثيرا واختفت السلطات التي يتحدث عنها النص.
4- القسم (4) "ترشيح المرشحين" من المضحك والمبكي ان يستمر نص مثل هذا
حتى اليوم، حيث يتحدث عن ان بول بريمر (او من يحل محله) هو من يرشح المرشحين لشغل
وضائف محافظ البنك ونوابه وغيرهم من أعضاء مجلس إدارة البنك. ما يعني ان ليس لدينا
قانونيا من يرشح هذه الوظائف بعد زوال الاحتلال، حيث لم يتم تحويل تلك الصلاحيات
الى مجلس النواب.
5- القسم (5) "تضارب التشريعات".. تعديل النص إلى العبارة المستخدمة في
القوانين العراقية "ولا يعمل بأي نص يخالف ما جاء في هذا القانون" ويمكن
للقانونيين اختيار العبارة المناسبة.
6- القسم (6) "الدخول حيز التنفيذ" (من تاريخ
توقيعه) – في القانون العراقي يدخل القانون حيز التنفيذ "من تاريخ نشره في
الجريدة الرسمية".
القسم
الأول – تعريف المصطلحات والاستقلال والاهداف والمهام
7- يتوجب مراجعة المصطلحات وإعادة كتابتها بما يناسب تغير الوضع، مثل تعريف
"الحكومة" و شروط "الشخص المناسب" و تعريف
"المحكمة".
8- المادة (2) الصفة القانونية والاستقلال (2): "يتمتع
البنك المركزي بالاستقلال فيما يقوم به من مساعي بغية تحقيق أهدافه وتنفيذ مهامه, ولا
يخضع للمساءله وفقا لما ينص عليه هذا القانون. ولا يتلقى البنك المركزي العراقي
أية تعليمات من أي شخص أو جهة بما في ذلك الجهات الحكومية إلا فيما ورد نص بغير
ذلك في هذا القانون ويتم احترام استقلال البنك المركزي ولن يسعى أي شخص أو جهة من
أجل التأثير على نحو غير ملائم على أي عضو من أعضاء هيئة صنع القرار التابعة للبنك
المركزي العراقي."
يناقض هذا النص المادة 110 ثالثا من الدستور، حول اختصاصات السلطات الاتحادية
والتي تؤكد: "رسم السياسة المالية والكمركية وإصدار العملة وتنظيم السياسة
التجارية عبر حدود الأقاليم في العراق ووضع الميزانية العامة للدولة, ورسم السياسة
النقدية وإنشاء البنك المركزي, وأدارته"!
فرسم السياسة المالية ورسم السياسة النقدية وإدارة البنك
المركزي، هي من الصلاحيات الحصرية للسلطات الاتحادية (مجلس رئاسة الوزراء)، حسب
الدستور!
9- المادة (3) الأهداف: ".. تحقيق الاستقرار في الأسعار
المحلية والعمل على الحفاظ على نظام مالي ثابت يقوم على أساس التنافس في
السوق".
مرة أخرى، من الغريب ان يضع البنك له هدفا، ان يثبت
نظاما ماليا يقوم على أساس التنافس في السوق! المفروض ان "النظام" هو
وسيلة وأسلوب، وليس هدفا. ويفترض ان يتاح تغيير الوسيلة حسب الحاجة الى ذلك لتحقيق
الأهداف الحقيقية، مثل تلك التي ذكرتها المادة "تعزيز التنمية المستدامة
وإتاحة فرص العمل وتحقيق الرخاء في العراق"، فمن الغريب ان يوضع شكل النظام
المالي، بالمساواة مع اهداف مثل "التنمية المستدامة وإتاحة فرص العمل وتحقيق
الرخاء". فهذا يجعل من ذلك "الهدف" الأيديولوجي منافسا لبقية
الأهداف الوطنية. فماذا لو تبين ان "تحقيق التنمية المستدامة" يتطلب
نظاما ماليا لا يقوم على أساس التنافس في السوق؟ والحقيقة ان ما يسمى بـ
"مزاد العملة" سيء الصيت قد يكون خير دليل على هذا التناقض.
إضافة الى ذلك فأن وضع "اتاحة فرص العمل وتحقيق الرخاء في العراق" ضمن
اهداف البنك، يضعه في تناقض مع رؤية السلطة التنفيذية التي هي مكلفة من قبل مجلس
النواب بمثل هذه الأهداف العامة، والتي قد تختلف في رؤيتها لـ "فرص
العمل" او "الرخاء في العراق" عن رؤية البنك المركزي لها.
10- المادة (4) المهام:
أ- صياغة السياسة النقدية وتنفيذها في العراق..
و- اصدار العملة العراقية وإدارتها..
أيضا مناقضة تماما للمادة 110 المذكورة أعلاه من الدستور
والتي تؤكد بالنص ان "صياغة السياسة النقدية" هي من صلاحيات السلطات
الاتحادية، وكذلك "اصدار العملة العراقية".
يتوجب كذلك مراجعة النقاط الأخرى في قائمة المهام لأنها
تتعلق بمصير الدولة النقدي ومخزون الذهب وغيرها، وتسلم حسب هذا النظام إلى جهة غير
منتخبة، مما يتعارض مع مبدأ الديمقراطية وسيادة الشعب على بلده وثرواته.
ويجب ان ننتبه هنا الى ان بريمر حينما وضع القانون لم يكن مهتما بمصلحة العراق، بل
بتثبيت نظام نقدي تفرضه اميركا على الدول الخاضعة لها، يتمثل بحرية واستقلال
الدوائر المالية في البلد عن سلطة البلد المنتخبة، بغية التأثير عليها والتحكم
بالبلد من خلالها. لذلك يتوجب مراجعة تلك المهام لتصب نحو هدف خدمة العراق وليس
خدمة الأيديولوجية التي تختارها اميركا له.
إضافة لذلك فأن من شأن تنفيذ هذا القانون، وخاصة مع
الحماية القانونية لمنتسبيه (كما سيأتي ذكره)، السماح للبنك المركزي باتباع سياسات
تتناقض مع السياسة الخارجية العراقية والقوانين العراقية!
فمثلا النقطة (ك) من المادة 4 تمنح البنك حق
"القيام من تلقاء ذاته بفتح حسابات للمصارف المركزي الأجنبية والحكومات
الأجنبية والمنظمات الدولية.."
فماذا لو قام البنك في هذه الحالة بفتح حسابات لمصرف إسرائيلي مثلا؟ او لمنظمة
معادية للبلاد، او لمؤسسة خطرة من نوع بلاك ووتر سيئة الصيت؟
القسم الثاني – رأس المال
والاحتياطي وصافي الأرباح
10- من تناقضات هذه المبادئ الأيديولوجية مع واقع ملكية
البنك مثلا، ان الدولة هي التي تدفع رأس مال البنك، ويعترف قانون البنك بملكيتها
الكاملة لأسهمه، (المادة (5) رأس المال والاحتياطي) دون ان يكون واضحا كيف ستستفيد
"الدولة" من البنك عند الحاجة، ولماذا يجب ان تكون تلك الفائدة خارج سلطة
الحكومة المنتخبة وتسلم الى موظف أو مجلس، ليس له أي تمثيل شعبي، صلاحيات تؤثر
بشكل شديد على مستقبل البلاد! وهذا مناقض لمبدأ الديمقراطية الذي يعرف بتحكم الشعب
بمصيره ومستقبل بلاده.
ثم اذا كان رأس مال البنك المركزي مملوك بالكامل للدولة فكيف ينص قانون يمنع
الدولة من استغلال ممتلكات الدولة؟ ويعتبر الاحتياطي العام للبنك المركزي العراقي
رصيد الدولة واحد أصولها
11- يتحدث القانون عن "أرباح" و
"خسائر".. (المادة 6) ، وتتحدث المادة (9) تغطية العجز في رأس المال
وتطلب تغطية أي عجز في رأس المال من "الهيئة
التشريعية"، فلماذا لا يكون للهيئة التشريعية إذن حق التصرف بالأرباح؟
القسم الثالث - الإدارة
12- المادة (12) الصلاحية للتعيين والخدمة
(1) مادة مترهلة حيث تشترط على المحافظ ونائباه وأعضاء
المجلس أن يكونوا "مشهودا لهم بالنزاهة" ويحملون شهادة جامعية (بدون
تحديد الاختصاص؟) او ممن لهم "خبرة علمية واسعة في مجال الاعمال
المصرفية" .. الخ.
كذلك (2) (رفض التعيين)، عامة ومترهلة مثلا "إذا
رأت سلطة التعيين أن الشخص ليس مواطنا عراقيا"! هل سلطة التعيين هي من
"ترى" أم انه محدد بشكل قانوني؟
نقطة أخرى، إذا رأت هذه السلطة ان "الشخص غير مناسب
للتعيين"!!
13- المادة (16) سلطات المجلس ووظائفه..
النقاط المشار اليها أعلاه المناقضة للدستور في صلاحيات البنك.. تنعكس على صلاحيات
المجلس.. (السياسة النقدية وإصدار العملة وغيرها، ومرة أخرى هناك صلاحيات قد
تتناقض مع سياسة الدولة الخارجية حول المنظمات الدولية. يجب إضافة نص على الأقل
بأن لا تكون العلاقة مع تلك المنظمات مخالفة للقانون العراقي وبالتنسيق مع وزارة الخارجية..
14- نصت المادة (23) من قانون البنك المركزي
(الحصانة من الإجراءات القانونية ) : "لا يتعرض أي عضو من أعضاء
مجلس أو أي موظف أو وكيل للبنك المركزي للمسألة القانونية أو يعتبر مسؤول مسؤولية
شخصيه عن أية أضرار وقعت بسبب أي إهمال أو إجراء صدر منه أثناء تأديته للمهام
الرسمية التي تقع في نطاق وظيفته والتزاماته المحددة له بمقتضى هذا القانون."
تناقض هذه المادة عدة مواد من الدستور العراقي:
المادة (5) التي تقول: السيادة للقانون... والمادة 23 من قانون
البنك المركزي تلغي سيادة القانون على اي موظف او وكيل للبنك المركزي او عضو في
مجلسه
المادة (14): العراقيون متساوون امام القانون...
ونحن هنا بلا شك امام عدم مساواة امام القانون، وإلا
لتوجب اعطاء الحصانة لكل الموظفين في العراق من أية مساءلة قانونية واية اضرار تقع
بسبب أي اهمال او إجراء يصدر منهم في عملهم!
المادة (١٠٠): "يحظر النص في القوانين على تحصين اي
عمل أو قرار اداري من الطعن"
ولنلاحظ ان هذا القانون الغريب لا يعفي موظفي البنك
المركزي من قانون محدد أو يعطيهم صلاحيات (إضافية) محددة، بل هو يعفيهم من أية
"مساءلة قانونية"! مما يعني انهم محصنون حتى من القوانين المستقبلية،
وأن مجلس النواب لن يستطيع اصدار اي قانون يشملهم حتى في المستقبل، أي انهم
بالمعنى الحرفي "فوق القانون" وفوق سلطة القضاء ومجلس النواب الذي يمثل
سلطة الشعب بأكمله، ما لم يتم الغاء هذا القانون!
القسم
الرابع – العلاقات مع الحكومة
15- تشير المادة (24)
التشاور مع الحكومة، الى "اجتماعات دورية منتظمة مع مسؤولي الحكومة لتبادل
المعلومات والآراء عن مدى إمكانية تنسيق السياسات النقدية والمالية... كل في حدود
مسؤوليته"
وهو نص يناقض المادة 110
المذكورة أعلاه من الدستور والتي تؤكد بالنص ان "صياغة السياسة النقدية"
هي من صلاحيات السلطات الاتحادية (الحكومة) وحدها، لا تشاركها فيها سلطة أخرى
وليست مضطرة لـ "التنسيق" فيها مع اية جهة. كما انه لا توجد هناك
"سياسات" في الدستور (كما يذكر قانون البنك) بل سياسة الحكومة وحدها.
والدستور يحدد السياسة النقدية ضمن مسؤوليات السطلة الاتحادية ولم يقسم تلك
المسؤولية أيضا بينها وبين اية جهة أخرى، فلا مجال للحديث عن "كل في حدود
مسؤوليته".
16- المادة (25) –
القيام بأعمال بالنيابة عن الحكومة
تتحدث المادة بصيغة وكأن
البنك المركزي شركة مستقلة وشريك خارجي ليس له اية علاقة بالحكومة او بالدولة، وهو
وضع مختل وغير طبيعي فرضته سلطة الاحتلال ويجب تصحيحه.
17- المادة (26) حظر
إقراض الحكومة
القانون يضع الحكومة
وكأنها اقرب للخصم وان على البنك ان يعامل الحكومة كجهة مشبوهة، ولا يقدم اية
مساعدات سيولة إلا للمصارف التجارية الحكومية التي تخضع لإشرافه. وهنا نتساءل إن
كان هذا لا يخل بمعنى "الاحتياطي" من النقد الأجنبي وغيره، وما هو دوره
بالضبط؟
القسم الخامس – احتياطي النقد الأجنبي
18- المادة 27 إدارة
الاحتياطي الرسمي من النقد الأجنبي
يبدو من نصوص المادة ان
القانون يعطي للبنك صلاحيات بلا حدود لاستخدام وإدارة الاحتياطي النقدي وغيره،
وبدون اية إشارة الى مشاورة او التنسيق مع أية جهة حكومية او غيرها، وبضمن ذلك (د)
حقوق السحب الخاصة المتوفرة لحساب العراق لدى صندوق النقد الدولي. وهنا أيضا نفتقد
سلطة الشعب على أمواله وسياسته النقدية.
القسم السادس – الاختصاصات النقدية
19- (مصطلحات ليست من
اختصاصي ويتوجب مراجعتها لاكتشاف أي خلل)
20- المادة (29) متطلبات
الاحتياطي
1- يتطلب البنك المركزي
العراقي من المصارف تنفيذا للسياسة النقدية للعراق... "
اية سياسة نقدية للعراق؟ سياسة البنك المركزي ام سياسة السلطة الاتحادية؟
2- في حالة عجز أي مصرف
... يجوز للبنك المركزي العراقي ان يفرض نسبة فائدة على سبيل العقوبة... لماذا
"يجوز"؟ وكيف يقرر؟ أليست هذه الصلاحية مدعاة للفساد والرشاوي في
التمييز بين من يعاقب ومن لا يعاقب؟
القسم السابع - العملة
21- المادة 32 اصدار
العملة:
هل هي من حق البنك ام
الحكومة الاتحادية؟
ما هي علاقة البنك بالسلطة
الاتحادية؟ او ما هو تعريف وحدود "السلطة الاتحادية"؟
القسم الثامن – الاختصاصات الأخرى
22- (مصطلحات ليست من
اختصاصي ويتوجب مراجعتها لاكتشاف أي خلل)
23- المادة 40 الإشراف
على المصارف
تعطي البنك "وحده
دون غيره سلطة اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لترخيص وتنظيم عمل المصارف...
الخ"..."كما يكون للبنك المركزي العراقي وحده دون غيره سلطة مطالبة
المصارف والفروع التابعة لها بتقديم كافة المعلومات المتعلقة بشؤون البنك والفروع
التابعة له وعملائه... الخ" ... "ولا يكون لأي إجراء تتخذه أي جهة تابعة
للحكومة غير البنك المركزي العراقي فيما يتعلق بتنظيم نشاطات الإقراض والاعتماد
الخاصة بالمصارف أي صفة قانونية"
وهنا كأن المصارف أيضا بمجموعها – أي
النظام المصرفي عموما، خارج سلطة الدولة والقانون وليس البنك المركزي وحده! وربما
يفسر هذا تجرؤ المصارف على ارتكاب سرقات كبرى مثلما فعل مصرف الرافدين في فضيحة الـ
600 مليون دولار، وربما حصل مديره وموظفوه على ضمانات من جهات اشارت الى انه في
النهاية خاضع للبنك المركزي وليس للقانون العراقي وانهم يضمنون تعاون المركزي على
تخليصه من المسؤولية ان وصل الامر مرحلة جدية.
ويلاحظ هنا ان القانون
يذكر في مواد مختلفة منه إلى ان البنك المركزي "يسعى.. الى تطوير وتنفيذ
السياسات المتماشية مع المعايير الدولية وافضل الممارسات المتبعة في المصارف
المركزية".
ومن الممكن ان يستخدم
هذا النص لتبرير تصرف ليس في صالح العراق، حيث انه لا يضع تلك الممارسات ولا هو من
يقرها.
مادام الحد غير واضح بين
سلطات البنك المركزي وسلطة الحكومة وقضاءها وقوانينها، فوضع العراق النقدي والمالي
في مهب الريح.
24- المادة (42) الأشخاص
غير المرخصين
تبدو هذه المادة العجيبة
مادة إرهابية بحق تجاه أي موظف حكومي قد يشتبه بأنه يمارس أي عمل يعتبره البنك
المركزي من اختصاصه!، فتقول:
"1- تكون للبنك المركزي العراقي، بعد حصوله على امر من الجهات المختصة، سلطة
دخول المكاتب وفحص الحسابات والوثائق وغيرها من السجلات الخاصة بأي شخص إذا رأى
البنك المركزي العراقي وجود أسباب وجيهة تجعله يشتبه في قيام هذا الشخص بالاشتراك
في نشاط يقع في دائرة اختصاص البنك المركزي العراقي..."!!
وتلزم المادة
"المسؤولون عن تطبيق القانون" بمساعدة البنك المركزي على دخول مقر هذا
الشخص لفحص حساباته.. الخ!!
وتتحدث (2) عن حق البنك المركزي في فرض عقوبات على هذا الشخص!
إنه لا يعطي البنك حق الطلب من الوزارة التي ينتمي لها ذلك الموظف ان تنظر
بالمخالفة، بل ان يدخل بنفسه ويحقق ويعاقب! تخيلوا مثلا أن تقوم وزارة النفط بمثل
هذه الأفعال تجاه موظف في وزارة التجارة، دون ان يحق لوزارة التجارة ان تتدخل!
القسم التاسع – احكام أخرى
25- المادة (44) الاعفاء من ضرائب معينة
رغم ان البنك يتعامل مع الدولة كشركة خاصة مستقلة تماما،
فإنه حسب قانونه معفي من ضريب الدخل والأرباح وضرائب أخرى متعددة. ويقارن البنك
المركزي في موضوع الضرائب على ممتلكاته بـ "الوزارات الحكومية"، رغم انه
لا يخضع لأي من القوانين التي تخضع لها تلك الوزارات.
هذا الاعفاء الضريبي من الأرباح والممتلكات يمكن ان يكون
سببا في ترتيبات فساد مع شركات خاصة ليقوم البنك باستيراد مواد ثم يقوم ببيعها
لتلك الشركات بدون مرورها بالضرائب، على سبيل المثال لا الحصر.
القسم العاشر- البيانات
والمراجعة المالية
26- المادة (48) المراجعة المالية الخارجية
تتولى شركة (دولية) مراجعة خارجية التدقيق المالي، يقدم لها البنك المركزي ما
تحتاجه من معلومات عنه.. وهنا نتساءل عن تقديم معلومات بهذه الخطورة الى جهة
اجنبية، وامكانيات ابتزاز لموظفي البنك من خلالها ومراقبة عمله ووضع الدولة المالي،
واشتراطها ان تكون الشركة "دولية"!
القسم الحادي عشر –
المخالفات الجنائية
27- المادة (50) "يعتبر كل شخص يسك او يشرع في
الاعداد لسك نقود مزيفة مرتكبا لجناية يعاقب عليها القانون بدفع غرامة لا تزيد عن
خمسين مليون دينار او الحبس لمدة لا تزيد عن خمس سنوات أو كلاهما معا"
هذه المادة وكذلك المواد التالية في هذا القسم، تفرض نفسها على القانون الجنائي
العراقي وتحدد بنفسها العقوبات، على جرائم يفترض ان لا يتدخل احد بها سوى القانون
الجنائي العراقي والقضاء الذي يعمل وفق القانون العراقي الذي يسنه مجلس النواب!!
فكيف يتصرف القاضي لو طلب مزور النقود أن يختار ان يحاكم وفق احكام البنك المركزي
بدلا من القانون العراقي؟ ونلاحظ ان جريمة التزوير قد تعود لصاحبها بمردودات اكبر
بكثير من المبلغ الأقصى الذي حدده قانون البنك المركزي.
إن البنك المركزي لا يضع نفسه هنا فقط كمدير اجباري على
الحكومة لسياسة الدولة النقدية، بل يقدم نفسه كمنافس وبديل لمجلس النواب في تشريع
القوانين الجزائية!
28- المادة (63) إقامة المحكمة وتحديد اختصاصها
"تقضي احكام هذه المادة بإقامة محكمة يطلق عليها
محكمة الخدمات المالية"...
هنا يدخل البنك المركزي في عمل القضاء بشكل مباشر.. ويكون
لمحكمته "قضاة" يعين رئيسهم وزير العدل ويشرف على ادارتهم، وهنا التساؤل
عن علاقة هذه المحكمة ببقية النظام القضائي العراقي ومدى استقلالها عنه، وإن كان
ذلك لا يتضمن تضاربا بين صلاحيات القضاء العراقي والبنك المركزي..
29- وتحدد المادة (64) -7، الحالات التي يسمح فيها
بإقالة القاضي في محكمة البنك، أي ان قضاة هذه المحكمة لا يخضعون لقوانين القضاء
العراقي!
30- المادة (67) الأدلة.. تعطي الحق للمحكمة أن تستدعي
أي شخص وتلزمه بالمثول امامها.. الخ
وهنا نلاحظ ان منتسبي البنك المركزي محصنين بوجه القانون
العراقي، لكن العراقيين ليسوا محصنين امام قانون البنك المركزي ومحاكمه
أخيرا، فأن تحديد الصلاحيات ومنع الحكومة من التدخل فيها
والعلاقة مع صندوق الدولي وغيره من المؤسسات، احتمالات واردة جدا لمنح تلك
المؤسسات استخدام الاحتياطي النقدي العراقي لمصالحها بدلا من مصالح العراق، ولذلك
فأن مراجعة اختصاصية شاملة ضرورية، على الأقل للتعرف على الاخطار والخسائر التي
يتعرض لها العراق جراء نصوص هذا القانون الذي وضعته جهة اقل ما يقال عنها انها
بعيدة عن البحث عن المصالح العراقية.
قانون البنك المركزي العراقي
https://cbi.iq/static/uploads/up/file-158270647972226.pdf
الدستور العراقي
* تعليق الدكتور بلال صيهود على الدراسة:
بالحقيقة انت اشرت الى موضوع جدا مهم واحييك على اختيارك الموضوع
كما ان اهم النقاط التي لتفت لها هو
1- مخالفة القانون
للدستور
2- ان القانون هو
من قوانين سلطة الائتلاف التي كان من المفروض ان يتم تشريعها لو بقائها على قوانين
سلطة الائتلاف وهذا يذهب بنا الى عدة احتمالات منها:
أ - وجود اوامر من جهات غربية لإبقاء قانون مشرع
من قبلهم
ب - تخاذل وعدم اجراء ما مطلوب من البرلمان
العراقي او الحكومة العراقية
ج - هذا يدل ان البنك المركزي هو من الخطوط
الحمر التي لا يجب ان يمر احد عليها
3- ان المفروض من
البنك المركزي يكون ارتباطه بالحكومة ورئاسة مجلس الوزراء لما له من تداخل
بالصلاحيات وبذلك يحل اشكال الاختلاف بين القانون والدستور.
4- ان القانون لا يلغى ولا يعدل الا بقانون
5- يجب على صناع القرار الالتفات الى اهم مؤسسة
تعنى بالمواطن العادي لأنها مسؤولة عن السياسة النقدية وسعر الصرف للدينار العراقي
والدولار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق