الأربعاء، 9 نوفمبر 2022

قلق اشاركه معكم.. حول الحكومة والحشد والسفارة والتطبيع - صائب خليل

للسفارة هدف استراتيجي هو الحاق العراق بعبيد اسرائيل والاستيلاء على ثروته، وهدف تكتيكي في الطريق إلى الهدف الاستراتيجي، هو انهاء الحشد، الذي تعتبره العائق الأكبر. وعلينا ان نفكر في كل تصرف وموقف لها ونتساءل: كيف يمكن ان يخدم هذا الموقف أحد هذين الهدفين؟ وما هي الخطة المحتملة التي قد تكون وضعتها لذلك؟

هذا ليس سهلا مع دولة لها خبرة عظيمة في الوصول الى اهدافها وبإمكاناتها الهائلة التي تتيح لها الدراسة والمراقبة والإبداع.
بالنسبة لتنصيب العميل الكاظمي لم يكن الامر يحتاج الى تفكير. اما سماحها، وبدون سبب واضح يضطرها لذلك، بتنصيب رجل يحترم نفسه رئيسا للحكومة، وآخر يؤكد حق فلسطين على ارضها كرئيس للجمهورية، فأمر يستحق تأملا.


تنصيب الكاظمي لم يحقق التطبيع، (رغم انه حقق في النهاية قانون يحقق ثغرة للتطبيع). كما ان محاولات عدة لم تنجح بالقضاء على الحشد. ولعل آخرها سالوفة محاولة اغتيال الكاظمي.

هل هناك سيناريو معقول يمكن لمثل الرئيسين الجديدين للعراق، أن يحققا لها اهدافها، حيث فشل عملاؤها المباشرين؟ نعم يمكننا تخيل مثل هذا السيناريو. فمن اسباب فشل العميل أن الجميع يعرفه كعميل ويعرف اهدافه والشعب متحفز والحشد وقياداته، عديم الثقة به، وحتى من يريد الاستسلام للسفارة وحل الحشد او الحاقه بالجيش، لن يجد حجة كافية يقنع بها الناس القلقة جدا على حشدها.
أما لو كان القائدان ممن يحترمهما الشعب ويثق بهما، فربما يأتي يوم يمكن فيه طرح السؤال عن فائدة الحشد خارج الجيش، خاصة وان البرنامج الحكومي يتضمن اشارة الى ان تكون "الدولة"، هي الوحيدة التي تسيطر على السلاح. و "الدولة" هنا تعني في الحقيقة جيش من الضباط العملاء تم تركيبه على مدى السنين الماضية ليسيطر تماما على الجيش. فإذا فقد الحشد استقلاله النسبي عنهم، فهذا يعادل القضاء على الحشد!

إن طرح مثل هذا الأمر تحت سلطة العميل سيثير القلق الشديد والتحفز، لكنه سيبدو مقبولا اكثر تحت سلطة رجل محبوب وموثوق، خاصة اذا سمح لهذا الموثوق ان يغير بعض القواد المعروفي العمالة في القوات المسلحة، لطمأنة الشعب وقيادات الحشد، ان الجيش تحت سلطته فعلا، وأن المسيرة بيد أمينة.

كذلك، فأن تطبيق قانون "تجريم التطبيع" بثغرة التطبيع الدينية، التي منحها مقتدى (والإطار بتبعية مخزية) للسفارة واسرائيل قبل ان يغادر، سيكون اسهل قبولا من الشعب تحت حكم رئيس جمهورية يعلن حق فلسطين على ارضها، ويعد ان تطبيق ذلك القانون سيبقى مسيطرا عليه ولن يستعمل لاختراق البلد. وفي هذه الحالة فأن "حكومة الخدمات" ستكون عبارة عن "رشوة" للشعب (المتعب اساسا) ولقواه المقاومة (المخترقة والخائفة) للتساهل في هذين الموضوعين الرئيسيين، لا اكثر.

لقد خطر الامر ببالي من فترة، لكني لم اجد المبرر لطرحه، وحتى الآن، ليس هناك سوى مبررات بسيطة نسبيا للقلق. فقد ظهر هناك حديث عن "حل الحشد" في الإعلام (اطلقه الخنجر كما أظن) وكان له صدى، وجلس رئيسنا قريبا من الوفد الاسرائيلي في مؤتمر لا معنى له اطلاقا بالنسبة لنا، في مصر، (وبعد الحاح غريب على قيمته من قبل السفيرة الامريكية).

المؤشران ليسا كبيرين بالتأكيد، لكن القلق مبرر ومعقول. واقترح حلا استباقيا لذلك على مجلس النواب اصدار قانونين:
الأول يؤكد عدم السماح بتغيير مستوى استقلالية الحشد النسبية، ووضع شروط صعبة لذلك، والثاني قانون يشترط ضرورة قصوى لمشاركة العراق بأي مؤتمر تحضره اسرائيل، ويشترط السماح بحضوره، الحصول على أغلبية برلمانية، وبخلافه لا يسمح لأي عراقي بالمشاركة به وتعتبر المخالفة جريمة! كذلك من الأفضل المسارعة بتعديل قانون "تجريم التطبيع" والغاء مادة ثغرة الدين، التي اصر أن ساسة العراق الحاليين اهدوها الى اسرائيل بلا مقابل!

قد يكون القلق سابق لأوانه، لكنه قلق معقول ومشروع، ويبرر ضرورة الانتباه الى اية علامات لتحققه، ومن الافضل اتخاذ الاجراءات الوقائية المعقولة ايضا، "قبل ما توگع الفاس بالراس" كما يقول المثل
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق