الخميس، 17 يونيو 2021

من قال انهم لم يتبرأوا؟ تحليل بيان عشائر تكريت بعد المجزرة وما توفر من معلومات

 صائب خليل

السؤال الأكبر الذي كان يسأله ذوي الضحايا: لماذا لم تتبرأ تكريت من الجريمة؟ لماذا لم تقم بإدانتها؟ يبدو انها ادانتها وبشدة وتبرأت من كل من شارك فيها بل و "هدرت دمه" وأبدت الاستعداد لتسليم من يثبت مشاركته. إلا ان هذا الفيديو(1) لا ينتشر كثيرا (ولن ينتشر) لأنه لا يناسب المد الطائفي والفتنة المطلوبة لشق الشعب العراقي.


(قمت بتقطيع الفيديو وتسريعه ليكون طوله مناسبا لتويتر)

1-      في البيان الذي صدر بعد 8 أشهر على المجزرة، تعلن عشائر تكريت براءتها من الجريمة ومن ارتكبها وهدر دم من ثبت اشتراكه واستعدادها للتعاون بتسليم المذنبين

2-      تؤكد على خروج الجنود بطريقة مريبة مشيا رغم العلم بسيطرة داعش على المنطقة والطرق المحيطة بها

3-      تؤكد من ارتكبها داعش يوم الخميس 12 حزيران وأنه كان قد سيطر على المدينة الأربعاء 11 حزيران وصور الإعدام مع راياته.. هذا يمكن التحقق من صحته او عدمه

4-      90% نزحوا خارج تكريت عند استيلاء داعش عليها وبقي من لم يستطع الخروج. ان صح ذلك او حتى اقل منه، فيعني ان غالبية ساحقة ضدها

5-      عشرات الناجين تم ايواؤهم ونقلهم الى مناطق آمنة (وقد خسر البعض حياتهم بسبب ذلك)

6-      تطالب الحكومة فتح تحقيق حول نزول الجنود مشيا رغم المعلومات ان داعش يسيطر قبل يوم، وبالتحقيق فيمن قام بتسليم تكريت وتحديد المسؤولين وإعلان أسمائهم

الفيديو يضع الحكومة امام مسؤوليتها. والحقيقة ان الغضب الذي يوجه اليوم يجب ان يوجه ما لا يقل عنه إلى الحكومات المتتالية التي تلت الجريمة. فهي ان لم تكن مشاركة بها فمشاركة في إخفاء مجرميها والتستر عنهم. ويبدو لي ان التستر ليس إلا بسبب كون هؤلاء محميين من قبل الاحتلال لأنهم يخدمون غرضه، فليس هناك قوة تستطيع ان تقدم مثل تكل الحماية غيره. لكن هذا لا يعني ان الصورة وردية كما اعلنها بيان العشائر، فهناك ادلة كثيرة على تعاون بعض أبناء تكريت مع داعش على الجريمة، لكن السؤال يبقى: ما هي نسبة مشاركتهم في الجريمة، وما نسبة داعش؟ ومن هم المجرمون؟

هناك مؤشرات قوية على صدق الكثير مما جاء في البيان. وحول السؤال: من نفذ الجريمة ومتى بالضبط؟ الكثيرين اكدوا ان الجريمة وقعت قبل استيلاء داعش على المدينة وبالتالي حمل تكريت مسؤوليتها. لكن بيان العشائر يؤكد ان داعش قد سيطرت على المدينة ومحيطها قبل يوم من الجريمة، واعطت التواريخ بذلك. وبالتالي يمكن التأكد من صدق هذه التواريخ وتحديد المسؤول عن الجريمة وان كانت قد وقعت فعلا قبل استيلاء داعش ام بعدها.

أحد المؤشرات القوية هو شهادة احد الناجين(2)الذي حاول الهرب من تكريت بسيارته. ويصف الرجل ان "داعش" هي من كانت تسيطر على الطرق وهي من كانت تمسك الهاربين، وهذا ما يقوي رواية العشائر بأن الجريمة وقعت تحت سيطرة داعش. فقد كانت داعش تسيطر على الطريق قبل بدء عمليات القتل الاجرامية.

لكني وجدت ونشرت تقريراً عن الجريمة(3) متداول بكثرة رغم عدم وجوده بأي موقع رسمي، ولا أي تقرير حكومي او نيابي آخر! ولم اجد غيره رغم اني نشرت اعلانا لمن يعرف اين نشر التقرير وزرت صفحة مجلس النواب وطلبته من النائب الأستاذ عبد الرحمن اللويزي، واكد الكثيرين انه يمثل ما حدث الى درجة ما.

المصداقية الوحيدة التي تؤكد قيمة التقرير هي قراءة نص منه في احد البرامج المشهورة في حلقة حول سبايكر، مما يعني إعلانه على الملأ وإعطاء الفرصة لمن يعرف انه مزور بالاعتراض عليه. التقرير يؤكد مسؤولية عشائر محددة عن الجريمة وتعاونها على تنفيذها، وهذا بحاجة الى تحقيق (لما يصير في العراق حكومة طبعا)

انما التقرير ذاته يأتي بملاحظة مثيرة للانتباه، وهي ان قرار تلك العشائر بقتل الجنود كان يشمل الجميع سنة وشيعة! فإن كان هذا صحيحا، فهو يعني ان الجريمة لم تكن طائفية بهذا المعنى، بل موجهة ضد كل من شارك في الحكومة، انتقاما لصدام حسين كما يقول التقرير. ولو ان الأمر استمر كما أراد هؤلاء، فلن تكون للمجزرة أهمية في عملية تحطيم نسيج المجتمع العراقي، لذلك، وربما وعيا لهذه الحقيقة، او لحقد طائفي، قام داعش بتحويلها الى جريمة طائفية بالعفو عن السنة التائبين عن العمل في الحكومة، واعدام الباقين!
وهنا لا يوضح التقرير ان عمليات الإعدام قد بدأت بالفعل قبل سيطرة داعش على الموقف ام بعدها، فإن كانت قبلها فيفترض ان يكون بعض الجنود السنة ضمن المعدومين لأن القرار يشملهم. ولو لم يكن يشملهم لما كان هناك مبرر بإصدار داعش أمر الإعفاء. فهل لدينا ضحايا سنة في سبايكر؟
إن لم يكن هناك ضحايا سنة في سبايكر، فيعني ان القتل لم يبدأ بالفعل الا بعد سيطرة داعش وقرارهم بإعفاء السنة، وهو ما يبرئ أبناء العشائر من عملية القتل ذاتها، دون ان يبرئهم من المشاركة المحتملة بالقبض على الضحايا (طبيعي ان هناك من هم من العشائر وداعش في نفس الوقت، لكننا هنا نعتبرهم دواعش وحق عليهم ما حق على داعش من عقاب)

هناك الكثير من الأسئلة التي مازالت غامضة، ويحاط الامر بتعتيم غريب، فلا تقرير رسمي ولا أسماء ضحايا ولا أسماء مدانين، بل ولا حتى أسماء من تم تنفيذ حكم الإعدام بهم!

هذا يذكرنا بالتهمة الموجهة الى القائد الحشدي قاسم مصلح، وكيف ان اسمه صار اشهر من نار على علم وهو متهم لم يبدأ التحقيق معه بعد، وفي كل الفضائيات العراقية! فلماذا تعلن أسماء متهمين أبرياء وتخفى أسماء مجرمين تم اعدامهم، وفي قضية ذات أهمية اجتماعية هائلة بهذا الشكل؟ هذا يصب كله في ادامة الألم لدى ذوي الضحايا والتوتر بين أبناء الشعب العراقي، وهذا بالضبط ما يريده الاحتلال طبعا. إننا لا نعرف شيئا بفضل سيطرة السفارة على الحكومة والجهات المعنية بالتحقيق، وعلى الحقيقة والقدرة على إخفائها، وفق ما يقتضي مخططها لشق الشعب العراقي وإثارة الفتنة فيه.

 

يجب التأكيد في النهاية ان هذا التحليل لا يهدف للدفاع عن عشائر صلاح الدين او اية جهة اخرى، بل يدعو الى البحث الحقيقي عن المجرمين بكل ادوارهم وانزال اشد العقوبات التي يسمح بها القانون على كل منهم، لان هذه الجريمة لم تكن مجزرة رهيبة فقط، بل كانت عدوانا على الشعب العراقي ومؤامرة مخططة لتدميره، لا يستحق من شارك بها أية رحمة. إنما المشكلة أن السلطة ليست بيد الشعب العراقي بل بيد اعدائه من السفارة التي تقود كل شيء وتسيطر على كل شيء. وحتى يستعيد الشعب سلطته على بلده ويتم اخراج الاحتلال بقواته وعصاباته في السفارة، فلن يكون للعراق مهرب من الفناء! نعم الفناء!

 

ملاحظة: في قراءة للتقرير على محطة فضائية(4)، تهرب القارئ من نقطتين تضع عليه علامتي استفهام كبيرة: الأولى تهربه من تبيان مصدر التقرير والموقعين عليه وبطريقة غير امينة. والثانية قفزه من فوق عبارة "سنة وشيعة" واكتفائه بعبارة "اعدام الجميع"، وهذا مؤشر لخبث نية متعمد، لإخفاء العبارة دون تحمل مسؤولية الكذب. وهو ما يعني بالنسبة لي مشاركة متعمدة للبرنامج او مقدمه في اثارة الفتنة، وبأن الفتنة مخططة بالفعل ولها منفذوها.

ملاحظة: اختفت بشكل تام، اية إشارة الى الفيديوات التي بينت التضحيات بالابناء(5) والمخاطرة الشجاعة بالحياة والاهل التي قدمها بعض أهالي تكريت، فهي أيضا ليست مناسبة لخطة الفتنة.

 

(1) شيوخ ووجهاء مدينة تكريت يعلنون براءتهم من جريمة سبايكر

https://www.youtube.com/watch?v=Tsj_bOu9BV4&t=2s

 

(2) شهادة عن مجزرة سبايكر (نشرت في آب 2014) (فيديو لأحد الناجين)

https://www.youtube.com/watch?v=LO66nYT837Q

 

(3) التقرير الوحيد حول سبايكر

https://alrad0.blogspot.com/2021/06/blog-post_17.html

 

(4) التقرير الرسمي الكامل لما حصل في سبايكر وهذا ما فعلته العشائر وهذا دور د ا ع ش (التقرير حسبما قرئ في احد البرامج)

https://www.facebook.com/inewschannel1/posts/364481728457647

 

(5) قصة #حمد_الجبوري الذي أستشهد غرقا #لانقاذ جنود #سبايكر في #تكريت

https://www.youtube.com/watch?v=vXrwBSgFKMk

 

 

هناك تعليقان (2):

  1. استاذ صائب في يومها وفي القصور الرئاسية ومحيطها لم يكن هناك وجود لداعش ابدا وكانت هي بداية الجريمة حتى سوق الجنود كان بذاك الطريق وبتلك الأعداد التي اول من اعلنها مشعان الجبوري كان هناك من الناس يتفرجون مستغربين وعندما وصلوا القصور الرئاسية لم يكن هناك داعش ونُفذت الجريمة على ايدي القتلة من ابناء تلك العشائر والتي ذكرت بالاسماء لكن السؤال ان مجتمع تكريت مجتمع عشائري وصوت رئيس وشيخ القبيلة مسموع فأين الشيوخ ؟ ولعلمك كان هناك نوباً في حينها في القصور الرئاسية او قريب من موقع الجريمة وشاهدوا ماحدث في اليوم الاول .... ثم بعد ذاك دخل داعش على الخط وقيل ان اقارب سبعاوي وقسم من البوعجيل هم من طلبوا مددهم.

    ردحذف