فيما يلي جميع من منشورات ومقالات عديدة حول ثورة تموز كتبها والدي رحمه الله. اورد
روابطها في اسفل المنشور.
من يتابع ما كتب خلال السنوات الماضية عن 14 تموز لا بد ان يلاحظ ان انصار فكرة ان ما حدث في ذلك اليوم كان انقلابا عسكريا نتج عنه تحطيم مؤسسات الدولة الدستورية التي كانت قائمة وانتقال الحكم من المدنيين الى العسكرين، قد تقدموا خطوة جادة في إدانة ما حدث في ذلك اليوم وادانة الذين خططوا للانقلاب ونفذوه وساندوه.
من اهم التهم التي توجه الى ثورة 14 تموز انها وضعت نهاية للدولة المدنية
الدستورية القائمة بكل مؤسساتها التشريعية والقضائية، وشرعت الباب أمام الغوغاء
والهمج العسكر المتعطشين للسلطة، وانها كانت انقلابا دمويا فتح الباب للسحل والقتل.
لنأخذ كلا من هذه التهم وندرسه في ظل معطيات البلاد ابان ثورة تموز
لنأخذ كلا من هذه التهم وندرسه في ظل معطيات البلاد ابان ثورة تموز
أولى تلك التهم هي ان الثورة اطاحت بمؤسسات الدولة التشريعية وأزالت جميع
منظمات المجتمع المدني. استعراض بسيط للوضع السياسي في العراق عشية الثورة يؤكد ان
العسكر لم يكونوا قادرين على القيام بذلك حتى ولو توفرت النية لديهم، وذلك لسبب
بسيط وهو ان العراق في يوم 13 تموز 1958 كان خاليا من جميع مؤسسات الشعب الدستورية
(باستثناء مجلس نيابي فاز 121من أعضائه الـ 135 بالتزكية) وخال من الأحزاب العلنية
(باستثناء حزب نوري السعيد) وخال من صحف المعارضة ومن الجمعيات والنقابات والنوادي،
ولا يملك سوى رزمة من أوراق قديمة أطلق عليها جزافا كلمة "الدستور"،
وتحمل آثاراً للكثير من الجزم العسكرية والمدنية التي صنعت في اسطنبول ولندن!
التهمة الثانية هي ان ثورة تموز انقلاب عسكري، انهى الحكم المدني وفتح الباب أمام شهية العسكر للتدخل في السياسة، وردا على ذلك نورد المعلومات المثيرة التالية التي وردت في مقال للدكتور حسان عاكف
(لقد قام " النظام الدستوري الملكي" باستخدام الجيش العراقي قرابة 45 مرة ضد التظاهرات الجماهيرية والتحركات الفلاحية والعشائرية واضطرابات العمال والثورات الكردية وغيرها. وفي مناسبات عدة جرت الاستعانة بسلاح الجو البريطاني أيضا.) ويضيف (الجنرال نوري السعيد ألف وحده 14 وزارة من بين الـ59 وزارة التي شكلت في العهد الملكي، وجميل المدفعي 7 وزارات وعلى جودت الأيوبي 3 وزارات وكل من جعفر العسكري وياسين الهاشمي وزارتين وطه الهاشمي وزارة واحدة وجميع هؤلاء كانوا من العسكريين الذين دخلوا عالم السياسة من بوابات الثكنات العثمانية أو من فوهات مدافع جيش الشريف حسين ونجله فيصل الأول. وتنقل هؤلاء العسكريون بين رئاسة الوزارة ووزارتي الدفاع والداخلية ورئاسة أركان الجيش ومجلسي النواب والأعيان.)
ويمكن ان نضيف الى هؤلاء أيضا الشخصيتين المدنيتين الديمقراطيتين المعروفتين: الجنرال بكر صدقي والجنرال رشيد عالي الكيلاني
كذلك حصلت ستة انقلابات عسكرية منذ انقلاب بكر صدقي عام 1936 إلى حركة العقداء الأربعة عام 1941، فعن اي حكم مدني ديمقراطي يتحدثون؟!
التهمة الثالثة – العنف: يطلق على ثورة تموز لقب (اليوم الدامي) الذي بدأت فيه ممارسات القتل دون محاكمة، وسحل الجثث في الشوارع وعلى نطاق جماهيري واسع. ان هذا الوصف نابع من خيال مريض لكاتب يريد ان ينتقم من تاريخه ومن تاريخ شعبه. لأن الواقع يقول ان عدد ضحايا الأحداث التي رافقت ثورة تموز في جميع أنحاء العراق بلغ 24 قتيلا. وهذا ليس دفاعا عن العنف والوحشية، ولكن ما حدث وبشهادة الكثيرين كان يعتبر أبيض ثورة عرفها التاريخ. وان اعداد من سقطوا في ظل النظام الملكي الدستوري في مدينة الحي الصغيرة لوحدها عام 1956 أو في سجن الحلة أو في انتفاضة 1948 يفوق ما حدث في 14 تموز. عدا عن المجزرة التي ارتكبت ضد عمال النفط المضربين في كركوك، وعمال النفط في البصرة، ووثبة كانون عام 1948 ضد معاهدة بورتسموث، وانتفاضة تشرين عام 1952 في بغداد، ومجزرة عام 1933 ضد الآثوريين في الشمال والتي ذهبت ضحيتها حسب دراسة لكاتب آثوري وضع الرقم في حدود 30 ألفاً، والرقم الأقل هو ثلاثة آلاف، والبعض يضع رقم القتلى في حدود خمسة آلاف وهو الأصح. كل هذا حصل في العهد الملكي
التاريخ العالمي يشير الى ان جميع التغييرات الكبرى قد رافقها عنف، والبعض منها تسببت بأعمال قتل ودمار شامل. الثورة الفرنسية هي فخر الثورات والأم التي من رحمها ولدت الديمقراطية. وقد لفتني على نحو خاص، ومثير للخيال، الكلفة الإنسانية لهذه الثورة التي أسهمت بحق في تغيير وجه البشرية كلها. فعلى الصعيد الديمغرافي بدا الحساب ثقيلا وباهظا على نحو مفجع. الأرقام تتحدث عن مئات الاف القتلى ويقول البعض انه يصل الى مليوني قتيل. ولا يتوقف الأمر عند إحصائية القتلى المرعبة، بل يتعداه إلى الخسائر البشرية الناجمة عن حركة الهجرة، أو قل عملية الفرار، التي واكبت الثورة التي ابتدأت بإثارة الهلع قبل أن تبدأ بالقتل والتصفيات، ليس للطبقة الارستقراطية فحسب، وإنما للبرجوازيين والرهبان الذين فروا على نحو جماعي متتابع إلى دول الجوار بعدد إجمالي بلغ نحو 200 ألف مهاجر أو مهجر. فلماذا يحتفل العالم اسره بالثورة الفرنسية ويعتبرونها نقطة تحول نحو الحق والعدالة، فيما توصف ثورة تموز بالدموية والعنف؟!
يتحدث المنتقدون ايضا عن ان العراق كان يسير بخطى حثيثة نحو ترسيخ نظام ديمقراطي ذي اسس ثابتة، أتت ثورة تموز لتجهز على تلك التجربة الوطنية وتعيد العراق الى الاضطرابات والانقلابات وعدم الاستقرار. والواقع انه خلال الخمس سنوات التي سبقت الثورة، اي منذ عام 1953 وحتى 1958، كانت في العراق إحدى عشرة وزارة تولى رئاستها تسعة أشخاص ولم يدم منها لأكثر من عام إلا وزارتا نوري السعيد المتتاليتان من آب 1954 إلى حزيران 1957. وحتى الجيش العراقي كان منقسماً على نفسه بين اتجاه مؤيد للنازية والفاشية، بقيادة العقيد صلاح الدين الصباغ، وجناح آخر مؤيد لبريطانيا والذي مثله عبدالإله ونوري السعيد، وكان شبح الحرب الأهلية يخيم في الجيش نفسه. [هذه المعلومات مستقاة من كتاب (العراق، دراسة في علاقاته الخارجية وتطوراته الداخلية 1915-1975) للمؤلفين، إديث وائي، أيف، بينروز، ترجمة عبدالمجيد حسيب القيسي] فأي استقرار هذا الذي كان ينعم به العراق في العهد الملكي؟
إن هذه النزعة للتباكي على العهد الملكي ورجالاته، والحنين العلني لأيام الاحتلال الأجنبي، تعتمد بشكل كامل على تشويه متعمد لوقائع التاريخ، ولكن ذلك ليس امرا سهلا لأنه يتطلب تجريد الثورة من منجزاتها في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وإخفاء تلك الانجازات عملية شبه مستحيلة لكونها مست حياة الملايين فحُفرت في ذاكرتهم. لقد ساهمت الثورة في تخليص العراق من التبعية الاستعمارية، والاحتكارات الأجنبية والاقطاع، لذلك لا يمكن ان ينظر اليها على انها انقلاب، بل هي ثورة حظيت بدعم كافة فئات الشعب
التهمة الثانية هي ان ثورة تموز انقلاب عسكري، انهى الحكم المدني وفتح الباب أمام شهية العسكر للتدخل في السياسة، وردا على ذلك نورد المعلومات المثيرة التالية التي وردت في مقال للدكتور حسان عاكف
(لقد قام " النظام الدستوري الملكي" باستخدام الجيش العراقي قرابة 45 مرة ضد التظاهرات الجماهيرية والتحركات الفلاحية والعشائرية واضطرابات العمال والثورات الكردية وغيرها. وفي مناسبات عدة جرت الاستعانة بسلاح الجو البريطاني أيضا.) ويضيف (الجنرال نوري السعيد ألف وحده 14 وزارة من بين الـ59 وزارة التي شكلت في العهد الملكي، وجميل المدفعي 7 وزارات وعلى جودت الأيوبي 3 وزارات وكل من جعفر العسكري وياسين الهاشمي وزارتين وطه الهاشمي وزارة واحدة وجميع هؤلاء كانوا من العسكريين الذين دخلوا عالم السياسة من بوابات الثكنات العثمانية أو من فوهات مدافع جيش الشريف حسين ونجله فيصل الأول. وتنقل هؤلاء العسكريون بين رئاسة الوزارة ووزارتي الدفاع والداخلية ورئاسة أركان الجيش ومجلسي النواب والأعيان.)
ويمكن ان نضيف الى هؤلاء أيضا الشخصيتين المدنيتين الديمقراطيتين المعروفتين: الجنرال بكر صدقي والجنرال رشيد عالي الكيلاني
كذلك حصلت ستة انقلابات عسكرية منذ انقلاب بكر صدقي عام 1936 إلى حركة العقداء الأربعة عام 1941، فعن اي حكم مدني ديمقراطي يتحدثون؟!
التهمة الثالثة – العنف: يطلق على ثورة تموز لقب (اليوم الدامي) الذي بدأت فيه ممارسات القتل دون محاكمة، وسحل الجثث في الشوارع وعلى نطاق جماهيري واسع. ان هذا الوصف نابع من خيال مريض لكاتب يريد ان ينتقم من تاريخه ومن تاريخ شعبه. لأن الواقع يقول ان عدد ضحايا الأحداث التي رافقت ثورة تموز في جميع أنحاء العراق بلغ 24 قتيلا. وهذا ليس دفاعا عن العنف والوحشية، ولكن ما حدث وبشهادة الكثيرين كان يعتبر أبيض ثورة عرفها التاريخ. وان اعداد من سقطوا في ظل النظام الملكي الدستوري في مدينة الحي الصغيرة لوحدها عام 1956 أو في سجن الحلة أو في انتفاضة 1948 يفوق ما حدث في 14 تموز. عدا عن المجزرة التي ارتكبت ضد عمال النفط المضربين في كركوك، وعمال النفط في البصرة، ووثبة كانون عام 1948 ضد معاهدة بورتسموث، وانتفاضة تشرين عام 1952 في بغداد، ومجزرة عام 1933 ضد الآثوريين في الشمال والتي ذهبت ضحيتها حسب دراسة لكاتب آثوري وضع الرقم في حدود 30 ألفاً، والرقم الأقل هو ثلاثة آلاف، والبعض يضع رقم القتلى في حدود خمسة آلاف وهو الأصح. كل هذا حصل في العهد الملكي
التاريخ العالمي يشير الى ان جميع التغييرات الكبرى قد رافقها عنف، والبعض منها تسببت بأعمال قتل ودمار شامل. الثورة الفرنسية هي فخر الثورات والأم التي من رحمها ولدت الديمقراطية. وقد لفتني على نحو خاص، ومثير للخيال، الكلفة الإنسانية لهذه الثورة التي أسهمت بحق في تغيير وجه البشرية كلها. فعلى الصعيد الديمغرافي بدا الحساب ثقيلا وباهظا على نحو مفجع. الأرقام تتحدث عن مئات الاف القتلى ويقول البعض انه يصل الى مليوني قتيل. ولا يتوقف الأمر عند إحصائية القتلى المرعبة، بل يتعداه إلى الخسائر البشرية الناجمة عن حركة الهجرة، أو قل عملية الفرار، التي واكبت الثورة التي ابتدأت بإثارة الهلع قبل أن تبدأ بالقتل والتصفيات، ليس للطبقة الارستقراطية فحسب، وإنما للبرجوازيين والرهبان الذين فروا على نحو جماعي متتابع إلى دول الجوار بعدد إجمالي بلغ نحو 200 ألف مهاجر أو مهجر. فلماذا يحتفل العالم اسره بالثورة الفرنسية ويعتبرونها نقطة تحول نحو الحق والعدالة، فيما توصف ثورة تموز بالدموية والعنف؟!
يتحدث المنتقدون ايضا عن ان العراق كان يسير بخطى حثيثة نحو ترسيخ نظام ديمقراطي ذي اسس ثابتة، أتت ثورة تموز لتجهز على تلك التجربة الوطنية وتعيد العراق الى الاضطرابات والانقلابات وعدم الاستقرار. والواقع انه خلال الخمس سنوات التي سبقت الثورة، اي منذ عام 1953 وحتى 1958، كانت في العراق إحدى عشرة وزارة تولى رئاستها تسعة أشخاص ولم يدم منها لأكثر من عام إلا وزارتا نوري السعيد المتتاليتان من آب 1954 إلى حزيران 1957. وحتى الجيش العراقي كان منقسماً على نفسه بين اتجاه مؤيد للنازية والفاشية، بقيادة العقيد صلاح الدين الصباغ، وجناح آخر مؤيد لبريطانيا والذي مثله عبدالإله ونوري السعيد، وكان شبح الحرب الأهلية يخيم في الجيش نفسه. [هذه المعلومات مستقاة من كتاب (العراق، دراسة في علاقاته الخارجية وتطوراته الداخلية 1915-1975) للمؤلفين، إديث وائي، أيف، بينروز، ترجمة عبدالمجيد حسيب القيسي] فأي استقرار هذا الذي كان ينعم به العراق في العهد الملكي؟
إن هذه النزعة للتباكي على العهد الملكي ورجالاته، والحنين العلني لأيام الاحتلال الأجنبي، تعتمد بشكل كامل على تشويه متعمد لوقائع التاريخ، ولكن ذلك ليس امرا سهلا لأنه يتطلب تجريد الثورة من منجزاتها في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وإخفاء تلك الانجازات عملية شبه مستحيلة لكونها مست حياة الملايين فحُفرت في ذاكرتهم. لقد ساهمت الثورة في تخليص العراق من التبعية الاستعمارية، والاحتكارات الأجنبية والاقطاع، لذلك لا يمكن ان ينظر اليها على انها انقلاب، بل هي ثورة حظيت بدعم كافة فئات الشعب
https://www.facebook.com/adnan.akif.503/posts/1166456300054889
https://www.facebook.com/adnan.akif.503/posts/1615217898512058
https://www.facebook.com/adnan.akif.503/posts/1615217898512058
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق