نشرت السيدة نادية عدنان عاكف
المقالة التالية عن حياة مرضى السكر في اميركا، كمثال لابتزاز شركات الدواء للناس
واستغلالها مرضهم للإثراء بأي ثمن، حتى لو كان ذلك الثمن تدمير صحة المواطن او حتى
قتله، وذلك برفع أسعار الانسولين إلى درجة تكون فوق قدرة الطبقة الوسطى نفسها لدفع
ثمنها، فيدفعون صحتهم ثمنا بدلا من ذلك.
كمترجم للاجئين غالباً، أعرف ان
التأمين الصحي في هولندا الأقل وحشية في رأسماليتها من اميركا، يغطي ثمن الانسولين
فيحصل عليه المرضى مجاناً وبدون أي تحديد، فلا يقلق الفقراء الهولنديون بهذا
الشأن، بينما يمثل ثمنه كابوساً مرعباً لمتوسطي الدخل في اميركا.
إن هولندا ليست بلداً اشتراكيا،
وهي تدفع بشكل مستمر للاتجاه الى توحش الرأسمالية الأمريكي، لكنها لحسن الحظ
مازالت في الطريق. وحتى ذلك الحين يمكن لمرضى السكر الهولنديون ان يطمئنوا على
حياتهم وصحتهم.
اليكم ما كتبت نادية عدنان:
نشر برني ساندرز في الأسبوع الماضي منشورين مؤلمين عن
وفاة شاب امريكي بعمر السادسة والعشرين وفتاة لم تتجاوز الثانية والعشرين بسبب
محاولتهما التقنين من استخدام الأنسولين، الذي لا طاقة لهما على تكاليفه.
قصة أخرى وردت في صحيفة النيويورك تايمز عن أم لثلاثة
اطفال، لم تستطع ان تتحمل تكاليف الأنسولين، فقامت بتقليل الجرعات، مما كان يؤدي
الى اصابتها الدائمة بالتهابات في الأطراف، وما أدى في النهاية الى خسارتها
لعملها.
أظهرت دراسة قامت بها جامعة ييل الأمريكية، ان شخصا من
بين أربعة اشخاص في امريكا يلجؤون الى هذا الأسلوب للتخفيف من أعباء الأنسولين
المادية. وهو ما له نتائج خطيرة بل قاتلة على المريض.
نيويورك تايمز التي نشرت الدراسة أكدت أن الطبقة الوسطى
هي الأكثر معاناة، فدخلهم غير كاف لتغطية تكاليف العلاج من جهة، ومن جهة اخرى هم
غير مؤهلين لتلقي التأمين الصحي الحكومي الذي يتحمل هذه الأعباء.
سوق الأنسولين محتكر من قبل ثلاث شركات أدوية كبرى،
تسيطر على تركيبته، وتتحكم بالأسعار وترفعها بدون حدود او رادع. حيث ان السعر
تضاعف ثلاث مرات في السنوات بين 2002 و2013. ما حصل هو ان تلك الشركات الثلاثة
استفادت من قانون يمنح للشركة المخترعة حق احتكار الدواء لمدة عشرين عاما. فأخذت
تغير في كل مرة جزءا بسيطا من تركيبة الدواء، وتحصل على براءة اختراع جديدة بسبب
ذلك، يمكنها من منع المنافسة لفترة اطول، وبالتالي التصرف بالشكل الذي يروق لها،
في غياب قوانين رادعة من الدولة.
مؤخرا رفعت محكمة ماساشوست قضية ضد الشركات الثلاثة
تتهمها فيها بالتآمر لرفع سعر الأنسولين. من الواضح من تحليل نمط ارتفاع الأسعار،
ان الشركات تنسق بينها فيما يعتقد المراقبون انها اجتماعات سرية واتفاقات غير
معلنة لرفع السعر بنفس الوتيرة وفي نفس الأوقات. (يجب ان تكون غاية في السذاجة كي
تصدق انه ليس هناك تآمرا بينهم) صرح برني ساندرز مرشح الرئاسة السابق الذي طالب
بتحقيق فدرالي في الموضوع، متهما شركات الأدوية بالجشع والاستغلال، وداعيا الحكومة
لتنظيم السوق ومراقبة الأسعار وسن قوانين رادعة.
شركات الأدوية تضع اسعارا مبالغ بها جدا لمنتوجاتها، ثم
تقدم تخفيضات كبيرة لمدراء الصيدليات الكبرى. هؤلاء يتلخص دورهم في التفاوض
بالنيابة عن أرباب العمل الذين يغطون التأمين الصحي لموظفيهم، وكذلك عن شركات
التأمين. تقدم شركات الأدوية تخفيضات لمدراء الصيدليات، مقابل ان يعتمد هؤلاء تلك
الأدوية في برامجهم التسويقية. وفيما يحصل هؤلاء على الأدوية بالأسعار المخفضة
التي تم الاتفاق عليها بين الطرفين، يباع الأنسولين للآخرين بسعره الأصلي المرتفع
جدا.
بدأ انتاج الأنسولين كدواء معالج في عشرينات القرن
الماضي عن طريق استخلاصه من خلايا البنكرياس الحيوانية. وفي السبعينات نجح العلماء
في زرع خلايا بشرية في بكتيريا، تنتج بدورها كميات كبيرة من الهرمون.
وبينما استمرت دول العالم في انتاج النسخة الحيوانية من
الدواء بأسعار منخفضة في متناول الجميع، اختفت تلك النسخة من الأسواق الأمريكية،
لأسباب من الواضح انها تجارية بحتة. الدكتورة ادريان برمان استاذة الطب والصيدلة
في جامعة جورج تاون الأمريكية اكدت ان الدواء الجديد ليس افضل من الدواء القديم،
بل ان (الدراسات الممولة حكوميا في غالبها اكدت ان النسخة الأقدم من الأنسولين
افضل من النسخة الحديثة، وبعضها قال انها مساوية لها)، في حين انها ارخص، وبالتالي
اقل ربحا بالنسبة لشركات الأدوية.
غياب تلك النسخة القديمة من الدواء، واحتكار الشركات
الثلاثة للنسخة الحديثة، مكنها من رفع الأسعار بشكل مبالغ به جدا.
قرأت عدة مصادر تتحدث عن الفرق في أسعار الأنسولين بين
الولايات المتحدة وكندا وأوربا. الفرق هائل يصل احيانا الى اكثر من عشرة اضعاف.
فمثلا 10 مل من الهومالوغ يكلف في الولايات المتحدة $250 فيما لا يتجاوز سعره في
معظم البلدان الأوربية $20 دولارا. عدة بلدان في العالم تقدم العلاج مجانا مثل
سلوفاكيا، او بأسعار رمزية ($50 سنويا في كندا)، فيما تتجاوز التكلفة في بعض
الحالات في الولايات المتحدة $13,000، وهو مبلغ خارج قدرة معظم المواطنين
الأمريكيين.
وفيما تتعرض شركات الأدوية الثلاثة المسؤولة عن رفع
اسعار الانسولين بشكل غير مبرر وغير اخلاقي لحملات ادانة شديدة وتواجه معارك
قضائية، قام دونالد ترمب بتعيين الكس ازار، رئيس الاي ليلي، احدى تلك الشركات،
واحد المسؤولين الأساسيين عن مأساة مرضى السكري، قام بتعيينه وزيرا للصحة عام
2017!
Insulin Prices
Skyrocketed Under Trump's HHS Nominee
The rising cost
of insulin horror stories every day
U.S. Pays Much More Than UK for Insulin | Insulin
Nation
Why is insulin much more expensive in the USA
than in EU? : diabetes
https://www.reddit.com/r/diabetes/comments/6aycyr/why_is_insulin_much_more_expensive_in_the_usa/
Why Is Insulin So Expensive In The U.S.?
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق