الثلاثاء، 2 يناير 2018

صائب خليل - عن المالكي

ويبدو أن البعثية المتملقة التي كانت تعمل على إهداء "أول هاتف خلوي" لصدام حسين، كانت أهم من وزير الإتصالات، لدى رئيس الوزراء نوري المالكي، ففضل استقالة وزيره على إزعاجها! 
 http://al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/27p03.htm
هذا اعتراف صريح بأن هذا التلكؤ في الإبلاغ عن المعلومات الإجرامية كلف ارواحاً ودماءاً، فمن له الحق بمثل ذلك "الصبر" وأين أجاز الدستور والقانون مثل هذا؟ وكيف يفسر رئيس الحكومة لأهالي الضحايا أن الوقت لم يكن مناسباً لوقف ذلك الإرهاب والقتل حسب قوله، وأن السماح بقتل أهلهم بصمت، كان ضرورياً لإستمرار العملية السياسية؟ لاحظوا أننا لا نتحدث عن إخفاء عملية قتل تمت وذهبت، وهي جريمة في عرف القانون، وإنما نتحدث عن التستر عن أعمال قتل جارية ومستمرة!


فماذا يعني هنا "لم نسكت على أحد ارتكب مخالفة" وهل يكفي القول "أننا حذرنا أصحابها"؟ هل نتحدث هنا عن عمليات إرهابية أم "مخالفات"؟ وهل أجاز القانون معاملة الإرهابيين بـ "التحذير"؟

المالكي يدرك بلا شك خطورة موقفه فيقول "ربما يقول البعض ان هذا تستر وخيانة"، وتبريره هو:"وإذا كان بغرض التستر فهو خيانة ولكن إن كان ضمن إطار الممكنات والإدارة..."

ولكن، من الذي يحكم على "الغرض" والنية و "الإطار"؟ هل سيقبل المالكي أن يبرر مواطن عادي أو حتى مسؤول أو وزير أو رئيس برلمان أو رئيس جمهورية غداً، إخفاء معلومات جنائية خطيرة، بأنه رأى شخصياً أن "مصلحة البلاد تتطلب إخفاءها"؟ وأن "السياسة فن الممكن"؟ وهل هناك أمتياز في الدستور أو القانون لرئيس الحكومة يسمح له بذلك دون غيره؟ ألا يطالب المالكي هنا لنفسه بثقة عمياء من الشعب ومؤسسات القانون، حول "غرض" ونية رئيس الحكومة، والإكتفاء بذلك دون تطبيق القانون؟

هل مقبول أن لا يُترك للدستور والقانون أن يأخذا مجرياهما إلا بعد ان يسمح لهما رئيس الحكومة أو رئيس الجمهورية، وأن يمنعاهما متى ما اعتبرا "الغرض" شريف؟ هل يسمح لرئيس الحكومة أن يوقف عمل القضاء بقطع المعلومات عنه، بمجرد أن يقول أنه رأى أن السياسة "الممكنة" تتطلب ذلك؟ ألا يلعب رئيس الحكومة حين لا يسمح بتمرير اتهام إلا بعد موافقته وتقديره بأنه "ممكن" سياسياً، نفس الدور الذي طالما انتقده لرئيس الجمهورية في عرقلة عمل القانون والقضاء؟ بل أوليس ذلك أخطر مئة مرة، باعتبار أننا نتحدث هنا ليس عن عرقلة إعدام مجرم سجين وإنما عن إرهابي طليق ما زال يمارس الإرهاب والقتل؟

أية عملية سياسية وأية حكومة هذه التي يريد المالكي إنقاذها؟ وكيف تعمل حكومة لا يعرف كل وزير فيها إن كان زميله إرهابيا أم رجل لطيف؟ هل من حق رئيس الحكومة أن يجعل البلاد تعيش في حالة قلق هكذا وهل يمكن لمثل هذه الحالة أن تخدم أية عملية سياسية؟ وأين هو فصل السلطات وأين إطاعة القضاء الذي يقول السيد المالكي "أنه يأمرنا"؟ وأين القانون الذي يمنع إخفاء المعلومات الخطيرة ويتهم من يقوم بذلك بالتستر والمشاركة في الجريمة؟ أم أن رئيس حكومة دولة القانون فوق ذلك القانون؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق