الجمعة، 2 يونيو 2023

النظارة السوداء وتأثيراتها العشرة - صائب خليل

 كنت اقول: "دخلي شوية صور لوزراءك اللي انت اختاريتهم بنفسك وبدون ضغط، خطية همه هم تعبوا بالشغلات"! لكن بعدما شفت وسمعت وزير نقلك، سامحتك :)

لنعد الى الجد. هذا الإعلام غير الطبيعي والبوزات والنظارات وتسونامي الصور والأخبار، مو سهلة وتحتاج واحد متفرغ يقضي يومه يگمز هنا وهناك هو وفريق مصوريه ولا تترك له اي وقت لأي عمل جدي او دراسة اي قضية حتى بوجود مستشارين ممتازين. اضافة لذلك تحتاج العملية الى شبكة معلومات في كل مرافق العراق ووزاراته ترسل اليه فورا بوجود "انجاز" (حتى التافهة منها) وبالتالي فرصة تصوير.

كذلك يحتاج الى كادر متفرغ لإدارة هذه الزيارات من تصفية تلك "الفرص" واختيار الأكثر تأثيرا منها وجدولتها وربما إجراء تأخير افتتاحها لحين يكون لدى السيد رئيس الوزراء الوقت لذلك. عدا تأمين النقل والحماية وغيرها. ولا استبعد وجود فريق اعلامي صغير متخصص بابتكار الشعارات والعبارات المناسبة وتوزيعها على الطبالين الأقل فهما، لكي يتناسق عملهم وتقل تناقضاته ويقوى تأثيره.

إنها عملية مكلفة، ولذلك لم يسبق لرئيس وزراء عراقي ان وصل إلى مثلها في السنوات الماضية،

.

وتأتي اهمية الصورة الهوليودية من حقيقة أنها تعمل كغازات مخدرة، تطلق على الناس بواسطة "أجهزة الإعلام الشامل" لتحدث عشرة تأثيرات عليهم:

1- إضعاف القدرة النقدية للمواطن وإبطاء قدرته على تمييز خلل وخطر الاعمال التي يقوم بها السوداني (هذا طبيعي تجاه شخص تحبه و "تثق" به).

2- دفع المرء ذاتيا لخداع نفسه: والبحث عن الحجج للدفاع عن الخطأ الذي يرتكبه البطل الهوليودي واختراع سيناريوهات ملتوية، او تصديق حجج وسيناريوهات سخيفة تقدم له جاهزة، وإقناع نفسه أو خداعها بأن بطله مازال بطلا.

3- الطائفية العصبية: التوتر والشجار مع الجهات التي تكشف حقيقة "البطل" قبل غيرها، وقد يتم مقاطعتها، وهو ما يسهم بزيادة تأخر التوصل الى حقيقة الخلل. هذا "الحب" من جهة و "الشجار" مع الخصوم من الجهة الأخرى يعطي شعورا بنوع من "الطائفية" وإحساس "الفريق" والدفاع عنه بكل الحالات ومهاجمة خصومه حتى عندما يكونون محقين.

4- ضياع المنطق والأمانة وقواعد المناقشة: حين يتحول الأمر الى فريقين يحاول كل ان يسجل نقطة في سجل الطرف الآخر، تماما كمشجعي أندية كرة القدم الاوروبية، لا يعود للمنطق والأمانة دور، ولا تعود المناقشة تتعلق بالموضوع، وهذا الحماس الجماعي والانغلاق، يزيد كثيرا تأخير اكتشاف أي خلل.

5- ابطاء رد الفعل على الخلل، حتى بعد الشعور به والتأكد منه.. وهذا ايضا بسبب ما تبقى من رواسب الحب والإعجاب السابق

6- إضعاف رد الفعل على الخلل حتى بعد اكتشافه المتأخر. مثلا ان ينكفئ المواطن ويتوقف عن دعم "البطل" والأمل به، لكنه غالبا لا يذهب الى دعم الجهة المقابلة التي تقف ضده وتكشف حقيقته، كما يفعل عادة لو كان الأمر بدون تلك التأثيرات.

7- الرهبة: "البوزة" تعطي انطباعا (زائفا) بـ "قوة" البطل الهوليودي، وتثير بعض الرهبة والخوف من معارضته، اما خوفا مباشرا او خوفا أدبيا (من ان يكون مخطئا في تقديره)، وهو ما يزيد من تأخير رد الفعل وتخفيفه.

8- الإحباط والاستعداد للتنازل: اصابة المواطن عموما بالإحباط بعد إعطائه أملا كاذبا من خلال "عدة الشغل" (نظارة وكامرات وطبول)، ثم خيبته في النهاية. هذا الإحباط يجعله الين واكثر قبولا للتنازلات المطلوبة (من مخرج المسرحية).

9- دع الخجل وأقرع الطبول: مقابل الاحباط والاستعداد للتنازل في الخصم الذي يحاول اظهار الخلل، فأن تأثير الاحساس بالقوة ايجابي على فريق الطبالين والملتحقين بهم، وسيعطيهم احساس بالكثرة والقوة المجتمعية ولا يعود هناك خجل أو قلق من احتمال نبذهم واحتقارهم، وهذا يشجعهم على اطلاق طبولهم أكثر وأكثر.

10- تغطية الانبطاح: اخيرا وليس آخرا، فأن للنظارات السوداء و"البوزة" عموما، تثير "التغطية والتمويه" على أعمال الاستسلام والانبطاح للعدو. فنحن نتعرف على "المنبطح" ليس فقط بدراسة محتوى كلامه، انما قبل ذلك من شكله وصوته وحركاته، لأن انبطاحه ينعكس عليها، فيظهر خجولا مترددا ومتحسبا قبل الاجابة قلقا من خطأ يكشفه، متوترا سريع الغضب. هذه كلها يخزنها دماغنا في لاوعينا لينبهنا حتى قبل ان نفهم ما يقال احيانا.

لكن النظارة السوداء والبوزه وبقية "العدة"، تعطي الرئيس شكلا معاكسا تماما، "شكل البطل" وصوته المطمئن وتعابيره وحضور جوابه الخالي من التردد والإحراج. وهكذا فأن "لاوعينا" يعمل بالضد منا، ويرسل للمنطق اشارات مضللة ومعرقلة لاكتشاف الحقيقة، وهو ما اطلقت عليه #فن_الإنبطاح_منتفخا.

#باحبو_يابابا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق