نشر روبرت فيسك مجموعة مقالات مؤخرا تناول فيها الوضع في فلسطين، وكان من ضمنها لقاء له مع الصحفي الإسرائيلي جدعون ليفي، اهم واكثر صحفي مثير للجدل في جريدة هآرتز. ليفي تكلم بحنق وغضب عما آلت اليه الأمور في الصحافة الإسرائيلية، حيث ذكر انه كتب عام 1986 عن امرأة فلسطينية منعت من المرور عبر ثلاثة معابر اسرائيلية مما ادى الى وضعها لمولودها داخل سيارتها. بعدها منعت من اخذ وليدها الى المستشفى القريب، مما اضطرها للسير لمدة ساعتين وهي تحمله كي تصل به الى المستشفى، ليفقد الطفل حياته ليلتها. يقول ليفي انه حين نشر عن الموضوع، كانت القصة بمثابة فضيحة كبرى هزت اسرائيل، وادت الى تدخل الحكومة واحالة مسؤولين اثنين للقضاء. يضيف ليفي انه على اثر ذلك اكتشف ان عشر نساء فلسطينيات تعرضن لنفس المصير واضطررن لولادة ابنائهن على المعابر، وحين نشر عن الموضوع استقبل ببرود، ومع الوقت اصبح الأمر طبيعي وعادي ولم يعد يثير اهتمام احد. يقول لييفي "لدينا مبرر اليوم لكل شيء، لقد وصل موضوع تجريد الفلسطيني من انسانيته حدا جعلنا لا نكترث مطلقا. بإمكاني ان اقول لك بصراحة وبدون اي مبالغة، اني لو نشرت عن قتل فلسطيني لكلب، فإن الموضوع سيثير اهتماما اكبر وتغطية اهم في الصحافة الإسرائيلية مما سيثيره نشري لخبر قتل قناص اسرائيلي لعشرين فلسطينيا بدون اي ذنب في غزة. اصبحت حياة الفلسطيني هي ارخص شيء. انه نظام متكامل يتعمد شيطنة الفلسطيني وتجريده من انسانيته، نظام من التبرير المستمر لكوننا دائما على حق، وانه من المستحيل ان نكون مخطئين.
"الإسرائيليون اليوم يشاهدون قناصا اسرائيليا يصوب بندقيته على طفل يلوح بيده، يشاهدون الفيديو كاملا على شاشات التلفاز. يرون جنديا اسرائيليا يقتل ممرضة جميلة بلباسها الرسمي. يشاهدون طفلة بعمر الخامسة عشر تضرب جنديا اسرائيليا بيدها وتدفع ثمن ذلك حبسها ثمانية اشهر. يشاهدون كل ذلك ويجدون طريقة لتبريره"
اضافة الى عدم الاكتراث، يصف ليفي الشباب الإسرائيلي بالجاهل وعديم الثقافة. "اسرائيل اصبحت واحدة من اكثر المجتمعات جهلا في العالم". ويضيف انك ان تحدثت مع الشباب الإسرائيلي، فإن غالبيته لا يعرف من يكون بن غوريون، او موشي دايان، او حتى اين تقع جنين. ما ينقل الى الشباب الإسرائيلي حسب رأيي ليفي هو ان اهم ما يمكن ان يملكه الإسرائيلي هو التفوق العسكري، انه الضمان الوحيد، وان لإسرائيل الحق في ان تفعل ما تشاء بعدما تعرض له اليهود في الهولوكوست.
يقول ليفي لمحدثه (روبرت فيسك): "ان اسرائيل دولة قومية دينية يمينية اكثر مما تتخيل بكثير" ويضيف "ان نتنياهو تمثيل جيد جدا للمجتمع الإسرائيلي. اهم شيء هي القوة، ثم القوة، ثم القوة. الحفاظ على الوضع على ما هو عليه هو اهم خطوة بالنسبة لإسرائيل. عدم التفاوض مع العرب مطلقا، وعدم التنازل لهم عن اي شيء. لا مفاوضات. يجب ان نعيش بحد السيف. دولة في حالة حرب مستمرة.
اما عن العلاقة مع امريكا، فإن ليفي يؤمن تماما ان اسرائيل هي من تملي على امريكا تفاصيل ما تفعل. وكمثال على ذلك ما حدث مع الأونروا، والذي يعتبره كان امرا مباشرالى ترمب..
بالنسبة لقضية حل الدولتين يعتبر ليفي ان الأمر اصبح مستحيلا وغير قابل للتطبيق. هناك 700 الف مستوطن غير شرعي، على الأراضي التي يفترض ان تعلن عليها الدولة الفلسطينية، فهل سيتم طرد 700 الف مستوطن؟ حسب تعبير ليفي بالتأكيد لا. لكن لا احد يعترض على الموضوع، او يحاول السؤال عنه. الجميع يعلم ان مشروع الدولتين لم يعد قائما، ولكن الجميع يتظاهر بعكس ذلك لأن ذلك اسهل بالنسبة لهم. سيشترون 100 عام اضافية وهم يرفعون ذلك الشعار الذي يعلمون انه اصبح مستحيل التحقيق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق